هل أحب أحدكم من قبل جماداً؟!....وهل سبق لأي منكم كره جماد؟!...
مجرد سؤال، لا تتهموني بالبلاهة من فضلكم..
حسناً..سأخبركم شيئاً لتفهموا قصدي..غرفتي بالمنزل أو بالأحرى غرفة البنات كانت تقتسم ربع مساحتها شرفة أنيقة مسورة بسياج حديدي مشغول، وكنا نمضي فيها أمسيات الصيف أمام تليفزيون صغير وقت أن كان التليفزيون المصري عبارة عن قناتين فقط ينتهي العمل بهما بعد منتصف الليل.. ولكن والدي العزيز قرر فجأة أن لا حاجة بنا إلى شرفة، هيا نكسرها ونجعل الغرفة اكبر!!!!
بالتأكيد لم يستشر أياً منا، بل نفذ الفكرة التي طرأت على ذهنه على الفور..ولكم أن تتخيلوا وجه أمي عندما عادت من الخارج ورأت حطام الشرفة على الأرض..ولكن هذا ليس مقصدي من الحكاية فدعونا منه.
مقصدي أنني فرحت كثيراً لأن باب الشرفة الخشبي الذي كان دائماً يفلت من عقاله ليصدمني في إصبع قدمي الصغير قد زال من مكانه، ولم أكن أدرك وقتها أنني اكرهه..لقد كانت الفكرة ضرب من الجنون بالنسبة لي حتى وأنا مازلت طفلة..وعندما انتهى العمل في الغرفة ورحل العمال جاء النجار ليضع الشباك الجديد العريض الذي سنغلق به واجهة غرفتنا.. وهنا رأيته..
باب الشرفة القديم أعطاه أبي للنجار كي يجعل منه شباك لغرفتنا بمعرفته.. أوه كم هو قبيح بلونه الأخضر القاتم، بالرغم من انه لون جديد وبالرغم من حبي للون الأخضر إلا أنني كرهته فور رؤيتي له..بالطبع كنت صغيرة على الاعتراض، ولكني حاولت بكل الوسائل المعروفة لي آنذاك.. تكلمت وشرحت وصرخت وضربت بقدمي على الأرض مهدده بأني سأسقطه من مكانه..ولم أرى رد فعل والداي لأنهم ببساطه.. أولوني ظهورهم وتركوني اصرخ كما أشاء.
هل تعلمون..هذا الشباك القبيح هو أكثر جماد كرهته في حياتي.. إلى هنا وقد يبدو كلامي منطقياً، ولكن.. حسناً..إنه يكرهني أيضاَ...
كلا.. لا أبالغ ولا أتوهم شيئاً.. إنه مازال كما هو يخرج من عقاله ليضربني ولكن ليس في قدمي هذه المرة بل في يدي.. وأقسم بالله أنني أتأكد من وضع العقال الحديدي المخصص له في مكانه..وأكاد اقسم أنني أراه يتزحزح عن موضعه –بحجة الهواء..هه- ليضربني بدون أن أدري في ذراعي عندما أحاول نشر ملابسي.
وأصبحت أتفنن في ضربه كما يضربني وأضع له الحديد بطريقه معقده تجعله لا يعاود ضربي وفي بعض الأحيان يرتد مرة أخرى محاولاً القصاص لنفسه ولكني اضربه بشده وأشعر انه يتألم كما تألمت ذراعي منذ قليل بسببه..وعندما أكيل له الشتائم ثم أهدد بانتزاعه ورميه من سطح العمارة والناس نيام يهدأ مرة واحدة!!..ولو كانت له عينان لكانت نظرة الغيظ فيهما صعقتني..
أعلم أن من سيقرأ ما كتبته الآن سيضحك وربما يتهمني بالجنون بل وقد يصل الأمر إلى حد ترشيح دكتور نفساني جيد لي..ولكن صدقوني أنا لا أكذب هذا ما حدث وما يحدث إلى الآن.
أما خطتي للتخلص منه فسأتممها عندما تحين لي فرصة أثناء سفر والداي لزيارة أختي التي تقطن في مدينة أخرى، أو إلى أي مكان.. فقط امتلك المال اللازم لشراء واحد جديد -وهذه المرة سأحبه- وعندها لن أحول هذا الشباك إلى شيء.. أنا فقط سأتبرع به للفرن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق